سعادة كل بيت ، أن تسمع في ارجاءه صدى ضحكات الطفولة !!!
هكذا كان تعريفها للسعادة ، منذ عرفتها ، زميلة دراسة ثم شاءت ارادة الله جل وعلا ان تتزوج دون ان تتحقق لها سعادتها المنشودة ، لم تحظى بطفل يملئ حياتها ، وكان هذا الفقد كفيلا بسلبها الابتسامة والانسجام مع كل شيء ، حائرة ﻻ تستقر ، مهمومة ﻻ ترقد ، حتى زوجها الذي اختارته ما عاد يعني لها شيئا ، رغم انهما ﻻ يعانيان من مرض يمنع الإنجاب !!! ولكنها المشيئة ...
سرحت ، وانا استمع الى معاناتها في مراجعات الاطباء ، يبلغ مصرف علاجها الشهري ثلث راتبها احيانا !!! ثم كلفتها احدى العمليات اكثر من ثمانية ملايين دينار ، وفي حسبة صغيرة ادركت انها خلال السنوات العشر قد صرفت ما يقدر بخمسين مليون دون جدوى !!! فتأسفت لشبابها وصحتها التي تلفتها الادوية بشكل ملفت وخطر .
اخذتها معي ذات مرة ـ رغم ممانعتها الدائمة ـ في احدى الواجبات ، وهناك جلست مصغية لطفل بعمر الرابع عشرة يطلب مائة وخمسين الف ويقسم الايمان كله انه سيرجعها ، ففي نيته ان يفتح مشروعا يعيل عائلته ، اخويه اليتيمان يلعبان امام البيت وامه الثكلى قد هرمت بسبب هم المعيشة ، اما صديقتي فقد كانت سارحة تنظر للطفلين مستاءة من ملابسهما الرثة واقدامهما الحافية ، حاولت ان تنصح الام بالاهتمام بهما ، ولكن الام فاجأتها انها ﻻ تهتم لتلك الامور فكل ما يشغلها كيف تطعمهم ؟ واين تسكنهم ؟ لو لم يسعها دفع الايجار حينها ، انتبهت لحديثي واشارت لي بالمساعدة فاتفقنا مع الصغير على شراء عربة يعمل فيها في السوق القريب ، وخرجنا ، وصمتنا طيلة الطريق حتى حانت لحظة الوداع ، فقالت باهتمام
( اشعر اني مجرمة ) !!! حينها ادركت المعنى ، وسررت ثم استدركت الامر ، قلت لها : دعينا مما مضى ، ﻻ وقت للندب والنوح ، هل تقبلين ان تكفلي احد الطفلين ؟ يكون مصرفه مسؤوليتك على ان يبقى مع والدته؟ قالت ويمكن ان ازورهم ؟ قلت لك ذلك بل يسرون بك ، قالت واشتري له ما يعجبني ؟ حينها استدركت فرط عاطفتها فقلت في البيت طفلان ﻻ تكرمي احدهما وتكسري الاخر ؟ قالت ولكنها سيصبح ابني !!! فضحكت ، وقلت لها : الان بدأت امومتك بالتحيز ، اكرمي الاثنان بهدايا متشابهة ، فاتفقنا ، ومضت مسرورة ، ومنذ ذلك اليوم افتقدها ، وافتقد إتصاﻻتها الكثيرة !!! لقد انشغلت باحتياجات الاطفال والملبس الشتوي والصيفي والمدرسي !!! لم اعد اراهما يلعبان في الشارع فالأم الجديدة قد غيرت بؤس الحياة وانطلقت في امومة جميلة ، تعتني بكل تفاصيلهم ، وتتألق معهم نحو الافضل !!!
لبنى مجيد حسين

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري
مواضيع ذات صلة


واحة المرأة
منذ9 شهر


واحة المرأة
منذ11 شهر


واحة المرأة
منذ11 شهر