كما للوجه ملامح... وللروح أيضا ملامح وتقاطيع قد تكون جميلة توصلنا إلى حد الافتتان بها, أو دميمة لدرجة النفور منها؛ وبمعنى أوضح: إن هيأتنا الخارجية يمكنها أن تترك انطباعا وقتيا لدى الآخرين قد يتلاشى في مواقف معينة أو يتجذر في أخرى, فالعلاقات الإنسانية لا تعتمد على أشكالنا بالدرجة الأولى, وثمة أدلة لا حصر لها على ذلك, تؤكد إن رغبة الإنسان في التقارب مع من يشبهه من البشر تكون مبنية على أساس التناغم الروحي؛ لذا فأن من أهم العلاقات في الوجود تعتمد على المودة والرحمة وقائمة فعلا على التجانس النفسي بين الزوج وشريكه, كونها تعتمد على الاختيار, وما يعضد هذا القول إن الله سبحانه وتعالى أشار في كتابه الكريم في آية مباركة توضح هذا المعنى (هو الذي خلقكم من نفس واحدةٍ وجعلَ منها زوجها ليسكن إليها) والسكن هنا يعني السكن الروحي والاستقرار النفسي, وصمام أمان نجاح وديمومة هذا الرباط المقدس هو الانسجام العاطفي وآثاره على متعلقات الارتباط وابعاد الشراكة.

وبالعودة للتأمل في تقاطيع النفس ووصف ميزاتها, فإن كان من الصعب تغيير شكلنا الخارجي فأيضا من الصعوبة تغيير ملامح الروح, لكن الأمر ليس مستحيلا فكل شخص يمكنه أن يمارس بعض التدريبات الروحية لتجميل النفس, وتوطين الروح على التعرف والتعامل مع الجمال الداخلي بصورة أكثر وعيا وإيمانا, من خلال محاسبة النفس وحثها على التحلي بصفات المؤمن, كون هذه الصفات تنعكس على تعاملاتنا وتوطد علاقتنا بإنفسنا أولا ثم بالآخرين, ومن المهم أن نقتنع  بجدوى ذلك التغيير بل بضرورته, أي أن نعتني بدواخلنا كعنايتنا بالمظهر الخارجي فالداخل مكمل للخارج بل الأساس بحكم إنعكاسه الشديد على الملامح, والأهم قوة تأثيره على الأخرين وصدارته في ترك انطباعتهم النهائية عنا.

ومؤخرا انتشرت بشكل ملحوظ ورش العمل التي تهتم بصناعة الذات والمحفزة على التغيير والتطوير, إذ تعد هذه الورش من أهم اهداف التنمية البشرية التي تسعى إلى مساعدة الإنسان لاكتشاف مهاراته وتطويرها؛ لإداء دوره الرسالي بشكل أفضل, وهي واقعا تصنف ضمن مراكز تجميل الروح؛ لأن صفات الإنسان الايجابية سر الجمال الحقيقي.

إيمان الحجيمي

 

مواضيع ذات صلة