نفحات إسلامية
2020-02-28
1666 زيارة
مما لا شك فيه ، أن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) نور واحد مستمد من نور جدهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) ونوره مستمد من نور الله تبارك وتعالى ، كما جاء في الرواية حينما سأل جابر بن عبد الله الانصاري النبي( صلى الله عليه واله): "ما أول شيء خلقه الله تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وآله: أول ما خلق الله نور نبيكم يا جابر ومنه خلق كل شيء".
وكذلك نؤمن أن الأئمة (عليهم السلام) هدفهم واحد وهو هدف الأنبياء والرسل والأوصياء وهو ايصال الناس الى الكمال المنشود, وإيقاظ الفطرة السليمة في نفوسهم (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) وهي الإسلام الخالص ليكونوا بذلك أدلاء عن الله تعالى، وإن تعددت أدوارهم واختلفت ممارساتهم العملية "آلياتهم" للوصول الى ذلك الهدف بحسب ما تحيطهم من ظروف وملابسات تختلف من زمان الى آخر وبالنتيجة أنهم (عليهم السلام) وإن تعددت أدوارهم وآلياتهم الا أن هدفهم واحد .
ومن أراد أن يتمسك بعروة الله الوثقى فليوال الإمام علي وأهل البيت (عليهم السلام ) وهذا ما رواه جابر عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن النبي الاكرم قال:" من أراد أن يتمسك بعروة الله الوثقى فليوال الإمام علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) فان الله تبارك وتعالى يحبهما من فوق عرشه"
ومن هنا نجد أن كلا منهم (عليهم السلام) قد اختص بما يناسبه في ظرفه، فترى أمير المؤمنين (عليه السلام) قد إختص في القتال على التأويل كما قاتل رسول الله (صلى الله عليه واله )على التنزيل ويقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين حتى قال له ( صلى الله عليه واله): يا علي لولا أنت لما عُرف المؤمنين من بعدي فهو (عليه السلام) المائز والفرقان بين الإيمان والكفر، وكذلك يختص ولده الإمام الحسن (عليه السلام) بامتحان عظيم للأمة حيث يبرم شروطا للهدنة مع معاوية ابن ابي سفيان .
وهكذا بقية الأئمة (عليهم السلام) الى أن يصل الأمر الى الإمام علي الهادي (عليه السلام) صاحب الذكرى فيختص بأمر عظيم لم يسبقه به أحد من آبائه وأجداده البررة أعني به: التخطيط المباشر لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) وإن كان جميع الأئمة، بل ومن سبقهم من الأنبياء والرسل والأوصياء يشتركون جميعا في هذه المهمة وهي التخطيط والتمهيد لقضية الإمام المهدي .
إلا أن دوره ومن بعده ولده الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) كان دوراً مركّزاً أكثر من غيره لقرب زمنه من الغيبة، وبعد أزمنة من قبله من الانبياء والمعصومين لذا مهّد تمهيدا ناجحا وهيأ النفوس والعقول لتقبّل فكرة غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) من خلال آليات يمكن أن نجملها بما يلي:
فبالرغم من الظروف الصعبة والكتمان الذي كان يحيط قضية الإمام المهدي (عليه السلام) وانتشار العيون والجواسيس المتتبعة له الّا ان الفكرة والعقيدة كانت واضحة لدى مجموعة من الموالين وبدأت تكبر وتنمو الى ان وصلتنا غضة طرية لا عواج واضمحلال فيها وما ذلك الّا لما أداه صاحب الذكرى عليه السلام من اثر بارز في ذلك.
قال: نعم واشهدوا عليّ أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأن ابنه محمد وكيل إبني مهديكم".
وبذلك استطاع الامام علي الهادي (عليه السلام) ان يهيأ الذهنية العامية لشيعة وأتباع أهل البيت (عليهم السلام) لاستقبال الوضع الجديد الذي سيحل بهم عند غيبة المهدي (عجل الله فرجه) لئلا يفاجأوا بأمور لا يعرفون كيفية التعامل معها مثل ما يحصل بعد الغيبة من الحيرة والاختلاف بين الشيعة, وما ينبغي لهم من الصبر والانتظار للفرج والثبات على الإيمان ، فعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال : "يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم ، فطوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان ، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب إن يناديهم الباري تعالى فيقول : عبادي وإمائي آمنتم بسري وصدقتم بغيبي فابشروا بحسن الثواب مني ، أنتم عبادي وإمائي حقاً منكم أتقبل وعنكم أعفو ولكم اغفر وبكم اسقي عبادي الغيث وادفع عنهم البلاء ، لولاكم لأنزلت عليهم عذابي".
هذا ما وددنا بيانه بوجه من الاختصار ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعجّل لنا الفرج بظهور مهدي هذه الأمة ليملأ الارض قسطا وعدلا وحبا وسلاما قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي الارض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ﴾.
الباحث الشيخ ميثم الفريجي