موسوعة الامام الحسين
2021-07-02
303 زيارة
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (66) بيتاً:
تُحدِّثُ عنهم كوثى ورضوى وزمزمُ والمشاعـرُ والصفاءُ
وبــغــدادٌ وســامـرا وطوس وطـيـبـةُ والغريُّ و(كربلاءُ)
لـئن غابوا فـما غابتْ سماتٌ قـلـوبُ الـعـارفـينَ لها وعاءُ
وأسـمـاءٌ إذا تُــلــيــتْ فـفيها غـنـى الـعـافي وفيهنَّ الشفاءُ
وقال من أخرى:
صـكَّ الـمـسـامـعَ مـن أنـبـائِـهم خبرٌ لا يـنـقـضـي حـزنُه أو ينقضي العمرُ
ما حلَّ بالآلِ في يومِ الطـفـوفِ وما في (كربلاء) جرى من معشرٍ غدروا
قد بايعوا السبطَ طوعاً منهمُ ورضا وسـيَّـروا صُـحُـفـاً بــالــنــصـرِ تـبتدرُ
وقال من قصيدة في رثاء الشهيدين مسلم بن عقيل وهاني بن عروة (عليهما السلام) تبلغ (82) بيتاً:
أبدلوا عن حرورِ يومٍ تقضّى جـنَّـةَ الخلدِ تحتَ ظلٍّ ظليلِ
وبـيـومٍ بـ (كـربـلاء) مـسيءٍ يومَ إحسانِ مُحسنٍ بالجميلِ
فـهـنـيـئـاً لـهـمْ بـحـظٍ عـظيمٍ جَـلـلٌ فـيـه كـلُّ حـظٍ جـلـيلِ
الشاعر
السيد محمد مهدي بحر العلوم، من كبار علماء الشيعة ومراجعهم وأعلامهم، ولد في كربلاء في أسرة علمية تعد دعامة من دعائم التاريخ العلمي الشيعي، ويرجع نسب هذه الأسرة الشريف إلى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) فالسيد بحر العلوم هو:
محمد مهدي بن مرتضى بن محمد بن عبد الكريم بن مراد بن أسد الله بن جلال الدين الأمير بن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين بن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عباد بن أبي مجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الملقب بـ (طباطبا) ابن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وكانت هذه الأسرة قد هاجرت من إيران إلى العراق في بداية القرن الثاني عشر الهجري، وكانت قبلها تسكن الحجاز فهاجرت إلى إيران وسكنت في أصفهان وبروجرد بسبب ظلم السلطات المعادية لأهل البيت من الأمويين والعباسيين وغيرهم، وقد أقامت عند حلولها في العراق في كربلاء والنجف، فساهمت مساهمة فعالة في بناء الحوزة العلمية وتطويرها وكان لرجالها دوراً كبيراً في قيادة الحركة العلمية حيث برز منها أساطين العلماء منهم السيد محمد الطباطبائي جد السيد بحر العلوم وهو أستاذ الوحيد البهبهاني، والسيد مرتضى ــ والد بحر العلوم، وولدا السيد بحر العلوم السيد محمد رضا بن السيد محمد مهدي بحر العلوم (1189 ـ 1253) الذي تولى بعد وفاة أبيه زعامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف والمرجعية الدينية، والسيد حسين بن السيد محمد رضا (1221 ـ 1306)، وأخوه السيد محمد تقي بن السيد محمد رضا (1219 ـ 1289) والسيد محمد علي بن السيد محمد رضا (1224 ـ 1298)، وغيرهم الكثير
ويعد السيد محمد مهدي بحر العلوم عميد هذه الأسرة ورأسها وهو أول من لقب بـ (بحر العلوم) وقد أطلق عليه هذا اللقب الميرزا مهدي الأصفهاني الذي كان من العلماء الفلاسفة لما رأى من ذكاء بحر العلوم وسعة علمه.
وقد رُوي أن أباه السيد مرتضى ــ وكان من كبار العلماء ومراجع التقليد ــ رأى في المنام في الليلة التي ولد فيها ابنه السيد بحر العلوم الإمام الرضا (عليه السلام)، وهو يناول شمعة كبيرة إلى خادمه محمد بن إسماعيل، فيشعلها محمد بدوره على سطح دار السيد مرتضى، فيعلو سناها إلى عنان السماء، ويطبق الخافقين، فينتبه السيّد مرتضى من نومه قبل الفجر ليجد أن ابنه محمد مهدي قد أطل على الدنيا
درس السيد بحر العلوم مبادئ العلوم الدينية والعربية في كربلاء على يد أبيه السيد مرتضى وغيره من العلماء ثم هاجر إلى النجف فدرس على يد علمائها الأعلام، ثم رجع إلى كربلاء فحضر دروس البحث الخارج والسطوح العالية في الفقه والأصول عند الوحيد البهبهاني، والشيخ يوسف البحراني (صاحب الحدائق) حتى نال درجة الاجتهاد.
يقول عنه حفيده السيد محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على كتاب جده السيد مهدي بحر العلوم الفوائد الرجالية: (وحضر أولياته وسطوحه من النحو والصرف وبقية العلوم العربية والمنطق والأصول والفقه والتفسير وعلم الكلام وغيرها على فضلاء عصره والمتخصصين في هذه العلوم، فأكمل تلك الأوليات في ظرف ثلاث أو أربع سنين ـ وعمره لم يتجاوز الثانية عشر ـ ، وبعد ذلك حضر (الخارج) الأصول على والده المرتضى، وعلى أستاذ الكل الوحيد البهبهاني، وخارج الفقه على الفقيه الكبير الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186 هـ (رحمه ألله تعالى) وأخذ يزدلف إلى هذه الينابيع العلمية الثرة زهاء خمسة أعوام ، حتى بلغ درجة الإجتهاد، وشهد له بذلك أساتيذه الثلاثة ولمع نجمه في كربلاء، مع وجود هؤلاء الأقطاب الثلاثة ....)
وكما أشرقت أنوار هؤلاء الأعلام العظام الثلاثة في كربلاء بالعلوم والآداب فقد أفلت في كربلاء ودفنوا جميعهم في الروضة الحسينية المقدسة.
عاد بحر العلوم إلى النجف ليكمل مسيرته العلمية فحضر دروس كبار العلماء ثم غادرها إلى إيران في عام (1186) وبقي فيها لمدة ست سنوات وهناك حضر حلقة درس الفلسفة عند السيد الميرزا مهدي الأصفهاني الذي أطلق عليه لقب بحر العلوم كما أسلفنا وبقي هذا اللقب ملاصقا له ولأسرته، كما أطلقت عليه ــ إضافة إلى هذا اللقب ــ ألقاب عدة منها: (رئيس الإمامية) و(شيخ مشايخهم)، و(إمام العصر) و(علاّمة دهره).
في عام (1193) عاد بحر العلوم إلى النجف الأشرف، ولما توفي أستاذه المرجع الوحيد البهبهاني تولى بحر العلوم زعامة الحوزة العلمية مكانه فكان نعم الخلف لنعم السلف فقام بأعباء المرجعية خير قيام وقسم مهام العمل فيها على العلماء والفقهاء كل حسب اختصاصه ورغم مسؤولياته الكثيرة إلا أنه لم ينقطع عن التدريس حيث تخرج على يديه مجموعة كبيرة من أعلام العلماء
وقد حج بحر العلوم بيت الله الحرام وبقي في مكة لأكثر من سنتين اجتمع مع العلماء من مختلف المذاهب وناظرهم في أمور شتى ونال إعجاب جميع العلماء لمنطقه البارع وخلقه العالي وثبت المواقيت على الطريقة الشرعية، ثم عاد إلى النجف ليحتل مكانته الطبيعية في صدارة الوسط العلمي
ومن إنجازاته تشخيص بعض المواقع والآثار التي لم تكن معروفة قبله منها: تعيين مقام الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في مسجد السهلة ووادي السلام، وقبر المختار بن أبي عبيد الثقفي ومرقدي هود وصالح (عليهما السلام) كما قام ببناء مئذنة الصحن الحيدري الشريف الجنوبية، وتعمير جدران الصحن وغرفه، وتجديد بناء جامع الشيخ الطوسي.
يقول السيد جواد شبر: (أما آثاره ومآثره فمنها تعيين وتثبيت مشاعر الحج ومواقيت الإحرام على الوجهة الشرعية الصحيحة ، وكانت قبل ذلك مقفلة مهملة فبقي قدسسره ما يقرب من ثلاث سنوات في مكة في هذا السبيل ولا يزال عمل الشيعة ـ اليوم ـ على نموذج تعيينه للمشاعر والمواقيت. أضف إلى ذلك آثاره في مسجد الكوفة ومسجد السهلة كما هي اليوم).
أما في الأدب فكان عضوا بارزا في ندوة الخميس التي كانت تضم كبار الشعراء في النجف والعراق كالشيخ جعفر كاشف الغطاء، والشيخ حسين نجف، والسيد صادق الفحام، والسيد محمد زيني، والسيد أحمد العطار، والشيخ علي بن زين الدين، والشيخ محمد رضا النحوي، والشيخ محمد علي الأعسم، والشيخ محمد رضا الأزري وغيرهم.
أساتذته
درس بحر العلوم عند أعاظم العلماء في الفقه والأصول والفلسفة والحديث والمنطق وغيرها منهم:
والده السيد مرتضى الطباطبائي، الشيخ محمد باقر الأصفهاني المعروف بـ (الوحيد البهبهاني)، الشيخ محمد باقر المعروف بـ (الهزار جريبي)، السيد حسين بن جعفر الموسوي الخوانساري، السيد حسين بن محمد المعروف بـ (ابن معصوم الحسيني)، الشيخ عبد النبي القزويني الكاظمي، السيد عبد الباقي الحسيني الخاتون آبادي، الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي، الشيخ يوسف البحراني، الشيخ محمد تقي الدورقي، الفيلسوف السيد ميرزا مهدي الأصفهاني، الشهيد السيد مهدي الأصفهاني.
تلاميذه
تخرج على يدي السيد بحر العلوم أعلام العلماء منهم: الشيخ أحمد النراقي، إسماعيل العقدائي، الشيخ أحمد ــ حفيد الوحيد البهبهاني ــ السيد أحمد بن حبيب آل زوين الحسني، الشيخ أبو علي الحائري (صاحب منتهى المقال في الرجال) السيد أبو القاسم ــ جد صاحب الروضات ــ الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير، الشيخ حسين نجف، الشيخ عبد علي البحراني الخطي، السيد علي آل السيد حسين الغريفي البحراني، السيد مير علي الطباطبائي - صاحب الرياض - الشيخ عبد على بن أميد علي الغروي، السيد عبد الله شبر ــ صاحب التفسير المعروف بتفسير شبر ــ ، السيد محمد جواد العاملي ــ صاحب مفتاح الكرامة ــ، المولى زين العابدين السلماسي، السيد محمد المجاهد، السيد محمد رضا شبر، الشيخ أسد الله التستري ــ صاحب كتاب مقابس الأنوار ونفائس الأسرار المعروف بالمقابس ــ السيد محسن الأعرجي الكاظمي المعروف بـ (المحقّق البغدادي)، الشيخ محمّد مهدي النراقي المعروف بـ (المحقّق النراقي)، الشيخ محمّد المازندراني المعروف بـ (أبي علي الحائري)، السيّد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي، السيّد علي الطباطبائي، السيّد أحمد القزويني، الشيخ محمّد بن يونس النجفي، الشيخ إبراهيم الطيّبي العاملي، السيّد محمّد باقر الشفتي، السيّد دلدار علي النقوي، الشيخ أحمد الخونساري، السيّد أحمد بن حبيب آل زوين، السيّد باقر القزويني، السيّد صادق الفحّام، الشيخ شمس الدين بن جمال الدين البهبهاني، الشيخ قاسم بن محمد آل محي الدين الميرزا محمد النيسابوري المعروف بمسلكه، الشيخ حسن نصار، وغيرهم.
قالوا عنه
كثيرة وطويلة هي الشهادات والأقوال التي قيلت بحق السيد بحر العلوم من العلماء والأعلام والتي هي دون ما تميز به من المزايا الفريدة والخصال الكريمة من العلم والزهد والتقوى وهذه بعضها:
أستاذه الشيخ الوحيد البهبهاني في إجازته له: (الأعزّ الأمجد المؤيّد الموفّق المسدّد، والفطن الأرشد، والمحقّق المدقّق الأسعد، ولدي الروحاني العالم الزكي، والفاضل الذكي، والمتتبّع المطّلع الألمعي النجيب ألأيّد، محمد مهدي ولد العالم الكامل الدين، والسيد ألأنجب المتدين الفاضل المفدى ألأمير السيد مرتضى الطباطبائي، أدام الله توفيقهما وتأييدهما).
أستاذه السيد حسين الخونساري في إجازته له: (السيد السند الفاضل المستند العالم العلام، ظهر الأنام ومقتدى الخاصّ والعام، مقرّر المعقول والمنقول، المجتهد في الفروع والأُصول، وحيد العصر وفريد الدهر، السيّد محمّد مهدي الحسني الحسيني الطباطبائي أدام الله تأييده وتسديده).
أستاذه الشيخ محمد باقر الهزار جريبي: (الأعز الأجل الأوحد، والعالم العامل الكامل السيد السند، المحقق المدقق الألمعي، والتقي والنقي، الذكي الزكي اللوذعى، قدوة الفضلاء والمتبحرين في زمانه، وفريد عصره في معانيه وبيانه، المسدد المؤيد بالتأييد الآلهي، السيد محمد مهدي الطباطبائي. زاد الله تعالى علمه وفضله، وكثر في علماء الفرقة الناجية مثله، ممن رقى في الكلام على سنامه، وفاق في الفضائل الادبية والعلوم العقلية والنقلية أبناء دهره وزمانه بسهر لياليه وكد ايامه...)
تلميذه الشيخ عبد النبي القزويني: (السيد المطاع السند اللازم الاتّباع، غوث أهل الفضل والكمال، وعون أُولي العلم والأفضال، غرّة ناصية أرباب الفضيلة، وبدر سماء أرباب الكمالات النبيلة، الأمير محمّد مهدي الحسني الحسيني أدام الله ظلّه، وأحسن أمره كلّه وجلّه، فوجدته بحراً لا ينزف، ووسيع علم لا يطرف، مع كونه في أوّل الشباب، وأترابه لم يصلوا إليه مع إكبابهم على العلوم في باب من الأبواب).
تلميذه الشيخ أبو علي الحائري: (السيّد السند، والركن المعتمد، مولانا السيّد مهدي ابن السيّد مرتضى... وأدام علوّه ونعماه، الإمام الذي لم تسمح بمثله الأيّام، الهمّام الذي عقمت من إنتاج شكله الأعوام، سيّد العلماء الأعلام، وولي فضلاء الإسلام، علّامة دهره وزمانه، ووحيد عصره وأوانه).
تلميذه أسد الله التستري: (الأستاذ الشريف، غرة الدهر، وناموس العصر. وروضة العلم وقاموس الفضل والفجر، سراج الأمة وشيخها وفتاها، ومبدأ الفضائل والفواضل ومنتهاها، وأحد نوع الإنسان، عين الأفاضل الأعيان، أفضل الفقهاء والمتبحرين أكمل الحكماء والمتكلمين والعرفاء والمفسرين. خلاصة العلماء المتقدمين. والمتأخرين، سلالة الأئمة النجباء الأمناء الغر المنتجبين الطاهرين المطهرين، أبو المكارم والمفاخر الزاهرة الظاهرة للنائي والداني رب المناقب والمآثر الباهرة المشتهرة عند الأعالي والأداني. شيخي وأستاذي وسيدي وسندي وعمادي العلامة العلم العلوي السيد محمد مهدي بن مرتضى الحسني الحسيني الطباطبائي...)
الشيخ حسين النوري الطبرسي: (وقد أذعن له جميع علماء عصره ومن تأخّر عنه بعلوّ المقام، والرئاسة في العلوم النقلية والعقلية وسائر الكمالات النفسانية ...)
محمد باقر الخوانساري (العلم المفضال، والعالم المسلم أيده الله في أنواع فنون الكمال بل صاحب السحر الحلال، والسكر الخالص عن الضلال في حل الاشكال ورفع الإعضال، وقمع مفارق الابطال في مضامين المناظرة والجدال، وحسب الدلالة على نبالته في جميع الاقطار والتخوم تلقبه - من غير المشاركة مع غيره الى الآن - ب بحر العلوم).
السيد حسن الصدر الكاظمي: (أما وفور تبحّره وتوسّع علمه وإحاطته بالفنون وحقائقها، وتوغّله في تنقير أعماق المطالب وكشف دقائقها، فشيء يبهر العقول، كما هو ظاهر لمن راجع (مصابيحه) في الفقه حتى قال تلميذه العلامة السيد صدر الدين العاملي - عند ذكره: وهو عند أهل النجف أفضل من الأستاذ الأكبر).
الشيخ عباس القمي: (سيد علماء الأعلام ومولى فضلاء الإسلام، علامة دهره وزمانه ووحيد عصره وأوانه...)
وروى الميرزا علي المولوي في كتابه (نجوم السماء) عن السيد دلدار علي أحد علماء الهند، أنه قال: (في زيارتي للمشاهد المشرفة اجتمعت مع أحد السادة العظام من سادات بلدة (بادقار) وكان من أهل الفضل اسمه السيد حسن وكان مجاوراً للروضة الغروية مدة من الزمان، فتكلمت معه بخصوص السيد ــ أي بحر العلوم ــ فقال: إذا ادعى السيد العصمة في هذا الزمان فلا مجال لأحد أن يقدح أو يجرح فيه)
السيد محمود البروجردي: (كان ركناً من أركان هذه الطائفة، وعمادها ومن أروع نساكها وعبادها، هو بحر العلوم المؤيد بتأييدات الحي القيوم محيي مدارس الرسوم، لسان المتأخرين، كاشف أسرار المتقدمين، متمم القوانين العقلية مهذب القواعد والفنون النقلية، علامة العلماء الأعلام، فخر فقهاء الإسلام وهو الحبر العلام، والبحر القمقام، والأسد الضرغام، مفتى الفرق، الفاروق بالحق حامي بيضة المذاهب والدين، ماحي آثار المفسدين بترويج مراسم أجداده الطاهرين، نور الهداية في الظلم، كنار على علم، أبو المكارم والمزايا الظاهرة في علماء الإيمان والإسلام بحيث كل عن تعدادها لسان القلم حتى فاق بها على العلماء البارعين، فظلت أعناقهم له خاضعين...)
المحدث الميرزا محمد النيشابوري: (كان فقيهاً، محققاً، مدققاً ثقة، ورعاً، نادرة عصره. انتهت إليه رئاسة الامامية في آخر عمره، واتفقت الطائفة على فقهه وعدالته)
تلميذه العلامة الشيخ محمد بن يونس الطويهري النجفي: (شيخنا وسيدنا الأعظم، والإمام المعظم السيد محمد المهدي الحسني الحسيني الطباطبائي الذي أذعنت بفضله جهابذة العلماء، وتحيرت في تحقيقاته البلغاء، وبرز عن دقيق أفكاره ما زل عنه قلم المحدثين والفقهاء وكان لمطالب العلم بمنزلة قطب من الرحى، وظهرت أنوار أفكاره ظهور الشمس في وقت الضحى، وخص من بين العالم بجمع الأضداد، وحاز ما لم يحزه أعاظم العباد، الطود الأشم حلماً واصطباراً والبحر الخضم علماً واقتداراً، محط رجال الأفاضل المتبحرين، ومناخ ركاب العلماء المناظرين الأوحد في الآفاق، وأفاضل العلماء على الإطلاق، عين عيون الأعيان، ونادرة أهل هذا الزمان البحر المتلاطم، والعارض المتراكم، مظهر الحقائق ومبدع الدقائق ودليل الخلائق، ومحيي الآثار، والجامع شمل الأخبار، مصباح الأمة، والمنصوب من قبل الأئمة عليهم السلام قطب الشيعة ومقيم الشريعة، العلم الظاهر، والمتبحر الماهر، والبحر التيار، واليم الزخار والملجأ في الحرام والحلال، والسند عند اختلاف الأقوال، والحجة عند اعتراك الآراء والبرهان عند تشعب الأهواء والحبر الذي أتته من الله العناية والألطاف وسارت إليه الركبان من الأمصار والأقطار والأطراف، وأتت تهرع الخلق إليه من كل فج عميق، وكم قطعوا نحوه أوعر سبيل وطريق فكم من جبابرة أتته منقادة، وكم أشراف ذلت له، وسادة، وكم أرغم أنوفأ شامخة بحسام الشريعة، وكم هتك أستاراً للجهل والضلال بعد أن كانت بحصون منيعة، الذي رفع رايات العلم بعد أن نكست، وأعلام الدين بعد أن طمست، معالم الهدى بعد أن درست، ونكست رايات الضلال بعد أن رفعت، وأباد جنود الجهالة بعد ترفعها وعلوها، ودمر عساكر الضلال بعد ظهورها وبدوها).
الشيخ محمد السماوي: (بحر العلوم الزخّار بأمواج الفنون ، وسحاب الفضل الموار بالمحاسن والعيون).
السيد جواد شبر: (رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره ، الملقب ببحر العلوم عن جدارة واستحقاق، لم تسمح الأيام بمثله، له الكرامات والمكاشفات وشهرته بالزهد والتقوى والإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى بيان، وأسارير أنواره غنية عن البرهان ...)
مؤلفاته
ترك السيد بحر العلوم ثروة علمية هائلة ومادة علمية وأدبية كبيرة تمثلت في مؤلفاته القيمة التي أصبحت مصدراً مهماً للباحثين والمؤلفين فقد ألف في الفقه والأصول والعقائد والأدب والتاريخ ومن مؤلفاته:
1 – المصابيح في شرح المفاتيح في العبادات والمعاملات من الفقه .
2 - الدرة النجفية أو البهية وهي منظومة في الأصول في أكثر من ألفي بيت ولها عدة شروح
3 - مشكاة الهداية
4 - تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام
5 - رسالة في العصير العنبي.
6 - شرح باب الحقيقة والمجاز من كتاب الوافي للفاضل التوني
7 - شرح جملة من أحاديث (تهذيب الشيح الطوسي)
8 - الفوائد الأصولية
9- رسالة في تحريم العصير الزبيبي
10 - رسالة في مناسك الحج والعمرة
11 - رسالة في حكم قاصد الأربعة في السفر
12- حاشية وشرح على طهارة (شرائع المحقق الحلي)
13- رسالة في قواعد أحكام الشكوك
14 - حاشية على ذخيرة الحجة السبزواري
15 - رسالة في تحقيق معنى (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم)
16- رسالة في انفعال ماء القليل
17- رسالة في الفرق والملل
18- رسالة في الأطعمة ولأشربة
19 - رسالة في تحريم الفرار من الطاعون
20- الدرة البهية في نظم بعض المسائل الأصولية
21 - رسالة في مناظرته لليهود
22- ديوان شعر كبير، يناهز الألف بيت، أغلبه في مدح ورثاء أهل البيت (ع)
23 - الفوائد الرجالية
24 ــ حاشية على معالم الأصول
25 ــ الدّرة المنظومة في الفقه
26 ــ أرجوزة في الإمامة تحتوي على (360) بيتاً
27 ــ الفائدة، وهو شرح لمناظرة بينه وبين علماء اليهود
28 ــ الاثنا عشريات في المراثي.
29 ــ ديوان شعر ضم أكثر من ألف بيت في مختلف الأغراض وغلب عليه مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام)
30 ــ رسالة في السير والسلوك (بالفارسية)
وفاته ورثاؤه
وبقي بحر العلوم منبعا للعطاء ورافدا للعلم والفكر والأدب طيلة سنة حياته مدافعا عن الدين والمذهب لفظ أنفاسه الأخيرة في النجف الأشرف وصلّى على جثمانه الطاهر السيد محمد مهدي الشهرستاني، ودُفن في مسجد الطوسي وقد رثاه العديد من الشعراء في طليعتهم تلميذه الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء في قصيدة منها:
إن قلبي لا يستطيعُ اصـطبارا وقراري أبـى الغداةَ القرارا
غشيَ الناسَ حادثٌ فترى النا سَ سُـكارى وما هم سُكارى
غشيتهمْ من الـهـمـومِ غـواشٍ هشمتْ أعظماً، وقدّت فِقارا
وهي قصيدة طويلة جداً يقول منها:
ثُـلـمَ الـديـنُ ثـلـمـةً مـا لـها سد وأولـى الـعـلومَ جرحاً جِبارا
لـمـصابِ العلامةِ العلمِ (المهد ي) مَن بحرُ علمِه لا يُجارى
خَلَفُ الأنبياءِ زُبْـدة كُلِّ الأَصْـ ـفِـيـاءِ الـذي سَـمــا أنْ يُبَارى
كـيفَ يسلوهُ خاطِري وبهِ قُمْـ ـتُ مَقَامِي وفيهِ فـكـريَ طَارا
كما رثاه تلميذه الشاعر السيد أحمد العطار وأرخ وفاته بقوله:
عـزيـزٌ عـلـى الـمـهـديِّ فقدُ سميِّه أجل، وعلى هادي الأنامِ إلى الرشدِ
فقدناهُ فقدَ ألأرضِ صوبَ عهادِها وفـقـدَ الـسـمـا لـلـبـدرِ والـنحرِ للعقدِ
أُصيبَ به الإسلامُ حزناً، فأرخوا (أثارَ مـصـابَ الـقائمِ السيدِ المهدي)
كما رثاه وأرخ وفاته تلميذه السيد محمد جواد العاملي (صاحب مفتاح الكرامة) بقوله:
يا بقعةً بزغتْ كـالـشـمــسِ في أفقٍ قد ضمَّ خيرَ سُراةِ الأرضِ ناديكِ
أصبحتِ في فرحٍ، والناسُ في ترحٍ تــبــاركَ ألله مـرضينا ومرضيكِ
أصبحتِ كالبيتِ بيتُ ألله مُـحـتـشـداً فالجنُّ والأنسُ والأمـــلاكُ تأتيكِ
للهِ مــن ســبــبٍ بـــاللهِ مُــتّــصــــلٍ وبـحـرِ عـلـمٍ أصابَ اليومَ واديكِ
قد ذابَ فـيـكِ فــؤادُ الدينِ من حَزنٍ فأرِّخوا: غـابَ مـهديُّ الهدى فيكِ
تراجمه
ترجم لبحر العلوم أعلام العلماء والكتاب والمؤلفين في أمات المراجع والمصادر فقد ترجم له:
السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة)، الشيخ عباس القمي في (الكنى والألقاب)، حفيده السيد محمد صادق بحر العلوم (مقدمة كتاب الفوائد الرجالية)، محمد باقر الخونساري في (روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات)، الميرزا محمد علي حبيب آبادي في (مكارم الآثار)، أسد الله التستري في (مقابس الأنوار ونفائس الأسرار)، السيد حسن الصدر الكاظمي في (تكملة أمل الآمل)، الميرزا محمد علي المولوي الكشميري في (نجوم السماء في أحوال العلماء)، المحدث الميرزا محمد النيشابوري في كتاب (الرجال)، محمد بن يونس الطويهري النجفي في مقدمة كتابه (مناهج الاحكام) الذي هو شرح لكتاب الدرة لأستاذه بحر العلوم، محمد بن إسماعيل المازندراني في (منتهی المقال في أحوال الرجال)، السيد جواد شبر في (أدب الطف)، الشيخ محمد السماوي في (الطليعة من شعراء الشيعة)، الأستاذ علي الخاقاني في (شعراء الغري)، الشيخ محمد هادي الأميني في (معجم رجال الفكر والأدب)، الشيخ حسين النوري في (خاتمة مستدرك وسائل الشيعة)، محمد علي جعفر التميمي في (مشهد الإمام)، إسماعيل باشا البغدادي في (هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين)، نور الدين الشاهرودي في (المرجعية الدينية ومراجع الإمامية)، الشيخ أغا بزرك الطهراني في (مصفى المقال في مصنفي علم الرجال) و (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)، عمر رضا كحالة في (معجم المؤلفين)، وخير الدين الزركلي في (الأعلام)
شعره وديوانه
طبع ديوان السيد بحر العلوم بتحقيق الأستاذين حيدر شاكر الجد، ومحمد جواد فخر الدين، عن مخطوطة بخط السيد محمد صادق بحر العلوم أحد أحفاد الشاعر وقدم له الشاعر السيد مهند مصطفى جمال الدين ويحتوي الديوان على أكثر من 1000 بيت أكثرها في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام).
قال في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (110) أبيات:
إمـامٌ أتـى فـيـهِ مِــنَ اللهِ مــا أتـــــى وهلْ قد أتى في غيرِه هل أتى قُــلْ لـي
وبـلّـغ فـيـهِ الـمـصـطـفى أمــرَ ربِّـه على منبرٍ بالمنطقِ الــصــادعِ الـفصلِ
فـقـالَ: ألـسـتـمْ تــعــلــمـونَ بــأنــني أحقُّ وأولى الــنــاسَ بــالناسِ في الكلِّ
فـقـالـوا: بـلـى، قـال الـنـبيُّ: فأنتَ يا أبا حــســـنٍ أولى الورى بالورى مثلي
وأنـزلـه مـنـهُ بـــمـــنـــزلـــةٍ مضتْ لهارونَ من موسى بن عمرانَ من قبلِ
وشـبَّــهـه بـالأنـــبــيــاءِ لـــجــمـعِــه جـمـيـعَ الـذي فـــيـهم من الفخرِ والنُبلِ
له حـكـمُ داودٍ وزهــدُ ابـــنِ مـــريـمٍ ومـجـدُ خـلـيـلِ اللهِ ذي الــفضلِ والبذلِ
وتـسـلـيـمُ إســمــاعــيـلَ عـنـد مـبيتِهِ وعـزمُ كـلـيـمِ اللهِ فـي شـــــــــدَّةِ الأزل
وحــكـمـةُ إدريــسٍ وأســمـــــاءُ آدمٍ وشـكـرُ نـجـيِّ اللهِ فـي عـهــدِ ذي الكفلِ
وخـطـبُ شـعـيـبٍ فـي خـطابةِ قومِه وخشيةُ يحيى البرُّ في هـيـبـــةِ الـحُـكـل
وكـانَ عـديـلَ الـمـصـطـفى ومـثـيلَه وهـل لـعـديـلِ الـطـهـرِ أحـمـدَ مِن مـثلِ
وكـانَ الأخَ الـبـرَّ الــمــواسي بنفسِه ومَـن لـم يـخـالـفـه بــقـــولٍ ولا فـــعــلِ
وأوّلَ مَـن صـلـى وآمَـــنَ واتّـــقــى وأعـلـــمَ خـلـقِ اللهِ بــالــفـــرضِ والنفلِ
وأشـجـعـهـمْ قـلـبـاً وأبــسـطـهـمْ يـداً وأرعــاهــمُ عـهـداً وأحــفــــظَ لـــلأهـلِ
وأكـرمـهـمْ نـفـسـاً وأعـظـمهـمْ تـقىً وأســخــاهـمُ كـفّــاً وإن كــــــانَ ذا قـــلِّ
حـبـيـبُ حـبـيـبِ اللهِ نــفـسُ رسـولِه ونورُ مُجلّي النورِ في الـعـلـوِّ والـسـفــلِ
رقى فارتقى في القدسِ مرقىً مُمنّعاً تـجـاوزَ فـيـهِ الـوهـمَ عـن مــبـلـغِ العقلِ
تـحـيَّـرتِ الألـبـابُ فـي ذاتِ مُـمـكنٍ تعالى عن الإمكانِ في الوصـفِ والفعلِ
له الـرايـةُ الـعـظـمـى يـطيرُ بها إلى قلوبٍ أُطيرتْ منه بالرعبِ والــنـــصلِ
ومن لا يُرى في الـحربِ إلّا مُشمِّراً بـذيـلِ ذيـولِ الـفـرِّ فـي الــمــعـشرِ الفلِّ
أبـو حسنٍ ليثُ الـوغـى أسـدُ الشرى مـقـدّمـهـا عـنـد الـهـزاهــزِ والـــــوهـلِ
أقـامَ عـمـادَ الـديـنِ مِـن بـعـدِ مـيـلِـه وثـلَّ عـروشَ الـمـشـركـيـنَ أُولي الحلِّ
وقـاتـلَ فـي التأويلِ مِن بعدُ مَن بغى كما كان في الـتـنـزيـلِ قــاتـــلَ مِن قبلِ
فـــروّى من الـكـفّـارِ بـالـدمِ سـيـفَــه وثـنّـى بـه الـبـاغـيـنَ علّاً عـــلــى نـهلِ
وزوَّجَـه الـمـخـتـارُ بـضـعـتَـــه وما لها غـيـرُه فـي الـناسِ من كــفـــوٍ عدلِ
وقـالَ لـهـا زوَّجــتُـكِ الـيـومَ سـيِّــداً تـقـيّـاً نـقـيّـاً طـاهـرَ الـفرعِ والأصـــــلِ
وأنـتِ أحـبُّ الـنـاسِ عـنـدي وأنّــه أعـزُّ وأولـى الـكـلِّ بـعـــــديَ بــالــكــلِّ
وإن إلهَ الـعـرشِ ربُّ الـعُـلا قضى بذا وتـولّـى الأمــرَ والـعـقــــدَ من قبلي
قال من قصيدة في مدح أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (67) بيتاً:
(ألا إنّ الأئـــمَّــةَ من قريشٍ) ثـمـانـيـةٌ وأربــعــةٌ ســــــواءُ
كما الأسباط والـنـقـبـاءُ نصَّاً مِن الـمـخـتـارِ لـيـسَ بهِ خـفاءُ
عـلـيٌّ والــثــلاثةُ من بنيهِ الـ ـعليّونَ الـهـداةُ الأصــــفـــيـاءُ
وعـدّتـهـمْ مــحـامـدةٌ كــــرامٌ كذا الـحسنونَ ليسَ بـهمْ مراءُ
وجـعـفـرُ وابـنُـه موسى وكلٌّ دلـيـلٌ لـلـهـدى نــورٌ ضـــياءُ
غـطـارفـةٌ خـضـارمــةٌ كماةٌ جـحـاجـحـةٌ ولاةٌ أولــــــيـــاءُ
بـهـالـيـلٌ مـقـاديـــمٌ حــمــــاةٌ أباةُ الـضـيـمِ شـهـمٌ أسـريـــاءُ
مـراجـيـحُ الـفـعالِ ذوو أنــاةٍ مـسـامـيحُ الخلائقِ أسـخـيــاءُ
سـجـايـاهـمْ هدىً عـلـمٌ وحلمٌ وشـأنـهـمُ رضـىً عـفـوٌ وفـاءُ
يداهمْ في الندى غيثٌ وغوثٌ وفي يومِ الوغى حتفٌ قضاءُ
ومنها في ظهور الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
بهمْ فتحَ الـمُـهـيـمـنُ كـلَّ حقٍّ ويختمُ حين يـنـكشفُ الغطاءُ
بكاشفِ كلِّ كـربٍ إذ يـنــادي ويـأتـيـهِ مـــــن اللهِ الــنــداءُ
فيُدعى بالـعزيمةِ قُـمْ بـأمـري وعـجـلْ فيه إذ عظمَ الـبـلاءُ
فـيـظـهـرُ والإلــهُ له ظـهـيـرٌ (يـقـودُ الجيشَ يقدمه اللواءُ)
ويبسط في البسيطةِ كلَّ عدلٍ إلى أن تغبط الأرضَ السماءُ
وتـسـعـدُ أنـفـسٌ مـنه وتشقى نفوسٌ لا يــزايـلـهـا الــشـقاءُ
ويومُ الوِردِ وِرد عداهُ صابٌ ووِردُ مـحـبِّــه (عسلٌ وماءُ)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
كيف العزاءُ وجثمانُ الحسينِ على الـ ـرمضاءِ عارٍ جريحٌ بـالـثـرى تربُ
والـرأسُ فـي رأسِ مـيَّــالٍ يُـطافُ بهِ ويـقـرعُ الــسـنَّ مـنــه شامـتٌ طَرِبُ
وأهلُ بــيــتِ رسـولِ أللهِ في نـصــبٍ أسرى النواصبِ قد أنضاهمُ النصبُ
والناسُ لا جازعٌ فـيـهـمْ ولا وجِـــــعٌ ولا حـزيـنٌ ولا مـسـتـرجـعٌ كـــئِــبُ
فـلـيـتَ عـيـنَ رســـولِ اللهِ نـــاظــرةٌ ماذا جـرى بـعـده فـي مـعـشـرٍ نكبوا
كم بـعـده مـن خـطـوبٍ بعدها خُطبٌ لو كـان شـاهـدهـا لـم تـكـثرِ الخطبُ
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً:
مصابُ خامسِ أصحابِ الـكساءِ وهمْ أهـلُ الـعـزاءِ بـهـم حلّتْ فوادحُه
لم يُـنـسَ قـط ولا الــذكــــرى تـجـدِّده أورى بزندِ الأسى للشجوِ قادحُه
كـيـفَ الـسـلـؤُّ عـنِ الـمـكـثورِ مُنفرداً من غيرِ نسوتِهِ خـلـواً مـطارحُه
يـلـقـى ألأعـادي بـقـلـبٍ مــنـه مُـنقسمٌ بـيـنَ الـخـيـامِ وأعــداءٍ تـكـافحُه
والـلـحـظُ كـالـقـلـبِ عـينٌ نحوَ نسوتِه تـرنـو وعـيـنٌ لـقـومٍ لا تــبارحُه
لـهـفـي عـلـيـه وقـد مـالَ الـطـغاةُ إلى نحوَ الخيامِ وخاضَ النقعَ سابحُه
قال أقصدوني بنفسي واتركوا حرمي قد حان حيني وقد لاحتْ لوائحُه
وقال يذكر ما جرى على آل رسول ألله (صلى ألله عليه وآله) من الظلم في السقيفة:
هُم أهـلُ بـيـتِ رسـولِ اللهِ جــدُّهـمُ أجـرُ الـرسـالـةِ عـنـــــدَ اللهِ ودُّهمُ
همُ الأئـمـةُ دانَ الـعـالـمـونَ لــهــمْ حـتـى أقـرَّ لـهـمْ بـالـفضلِ ضدُّهمُ
سـعـتْ أعـاديـهـمُ فـي حـطّ قدرِهمُ فـازداد شــأواً ومـنه ازدادَ حقدُهمُ
ونـابـذوهـمْ عـلـى عـلـمٍ ومـعـرفـةٍ مـنـهـمْ بـأنَّ رســولَ اللهِ جــدُّهـــمُ
كـأنَّ قــربَـهـمُ مـن جـدِّهــمْ سـبـبٌ لـلـبـعدِ عنه وأنَّ الـقـربَ بـعـدُهـمُ
لو أنَّهمْ أمروا بالبغضِ ما صنـعوا فوقَ الـذي صـنـعـوا لو جدَّ جدُّهمُ
دعوا وصيَّ رسولِ اللهِ واغتصبوا إرثَ الـبتولِ وأورى الظلمَ زندُهمُ
وأضرموا النارَ في بيتِ النبيِّ ولمْ يرجو الورودَ فبئسَ الوِردِ وردُهمُ
ومـهّـدوا لـذوي الأحـقـادِ بـعـدهـمُ أمراً به ثـمَّ لــلأقـــوامِ قـــصــدُهـمُ
أبـتْ صـحـيـفـتُـهـم إلّا الذي فعلوا مـن بـعـدِها وأضاعَ العهدَ عهدُهمُ
تـعـاقـدوا وأعــانــتــهــمْ بـطانتهمْ وحـلَّ مـا عـقـدَ الإســـلامُ عـقـدُهمُ
أوصـى بـرفـدِ بـنـيـهِ الـطهرِ أمَّتَه فـاسـتـأصلوهمْ فبئسَ الرفدِ رفدُهمُ
وقال من قصيدة في رثاء مسلم بن عقيل وهاني بن عروة (عليهما السلام) تبلغ (82) بيتاً:
وبـكـاهُ الــحــسـيـنُ والآلُ لـمّا جـاءهـمْ نـعـيَــه بـدمـعٍ همـولٍ
كان يوماً على الحسينِ عظيماً وعلى الآلِ أيَّ يــــومٍ مـــهولِ
مُـنـذراً بـالـذي يــحــلُّ بــيــومٍ بـعـده بـالـطـفوفِ قبلَ الحـلولِ
فـأقــامــوا الـعـزاءَ من فادحـيهِ بــبــكــاءٍ ورنَّـــةٍ وعـــويــــلِ
وبــنــاتُ الــبــتـولِ يـنـدبنَ فيهِ مسلماً والحسينُ نجلُ الرسـولِ
ويحَ ناعيهِ قد أتى حيثُ يُرجى أن يجيء البشيرُ بالـمـأمــــولِ
ليسَ عن من مضى لهنَّ عزاءٌ غيرَ ماضٍ بمثلِ ذاكَ الـسـبـيلِ
أبــدلَ الــدهــرُ بـالـبـشـيرِ نعيِّاً هـكـذا الــدهــرُ آفـةٌ من خلـيـلِ
فـأحـثّـوا الـركـابَ لــلـثـأرِ لكن ثـــأرَه بـــكــــلِّ ثــــارٍ قــتـيـلِ
فـيـهـمُ ولـدُه وولـــدُ أبـــيـــــــه كمْ لهم في الطفوفِ مِن مقتولِ
كـمْ فـــدى بــالـنـفوسِ آلَ عليٍّ آلَ خـيـرِ الأنـــامِ آلُ عــقــيــلِ
ومنها في رثاء الشهيد هانئ بن عروة (رضوان الله عليه)
ثـم ثـنّـى بـشـيـخِ مـذحــجَ هـاني سـيِّـدِ الـمِصرِ كلّه والقبيلِ
مـاجـدٌ وجـهُ شـيـعـةِ الآلِ بَــــرٌّ مُـخـلصٌ فـي ولائه مقبولِ
أدركَ الـمـصـطـفى ووالى علياً وبـنـيـهِ الـهـداةَ ولـدَ البتولِ
وحـمـى مـسـلـمـاً بـأمـنــعِ جيلٍ وجـوارٍ ومــنــزلٍ ومــقـيلٍ
كـان فـي ذاكَ حــافــظـاً لـذمارٍ وذمـامٍ وحُـرمــةٍ لـلـنـزيــلِ
ولقربى الرسولِ إذ كان فرضاً حـبُّـهـمْ فـي كـرائـمِ التنـزيلِ
فـدعـاهُ الـلـعـيـنُ باللُطفِ مكراً ثـمّ أبــدى لـه ضـميرَ محيلِ
طـالـبـاً مـسـلـمـاً فــلــمَّــا أبــاهُ دُعَّ للسجنِ بعدَ خطبٍ طويلِ
كان في ذلكَ إنـعـكاسُ الأماني وإنـتـقـاضٍ لـحـبـلِـه المفتولِ
وأذيقَ الحتوفَ من بـعدُ صبراً مثلَ ما ذاقَ مـسـلمُ بن عقيلِ
فـعـلـى مسلمَ وهـــانــــي سلامٌ يـتـتـالـى مـن الـسلامِ الجليلِ
محمد طاهر الصفار