موسوعة الامام الحسين
2021-05-21
312 زيارة
قال من قصيدة في رثاء أهل البيت (عليهم السلام):
ولو دامَ عـيـشٌ فـي الـزمـانِ لأهـلِه لـدامَ لأولادِ الــنـبـيِّ وطــابــــا
أمـا سـمـعتْ أذناكَ ما قد جرى لهمْ غداةَ أناخوا في الطفوفِ رِكابا
لقد صبروا في جانبِ الكربِ والبلا وقد ضربوا في (كربلاءَ) قِبابا
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (84) بيتاً:
بأبي الإمامَ المستضامَ بـ (كربلا) يـدعـو وليسَ لما يقولُ مجيبُ
بأبـي الـوحـيـدَ ومـاله من راحــمِ يشكو الظما والماء منه قريبُ
بأبي الـحـبـيـبَ إلـى الـنبيِّ محمدٍ ومحـمدٌ عــــندَ الإلــــهِ حبيبُ
ومنها:
يا (كربلاءُ) أفيكِ يُقتلُ جهرةً سبـطُ المطـهَّرِ إنَّ ذا لعجيبُ
ما أنـــــتِ إلا كـربـةً وبـلـيـة كـلُّ الأنـــامِ بهولِها مكروبُ
لهفي عليه وقد هوى متـعفِّراً وبـــهِ أوامٌ فــــــادحٌ ولغوبُ
وقال من قصيدة تبلغ (92) بيتاً:
وإنَّ حنيني للشهيدِ بـ (كربلا) لباقٍ فلا يـقـضـى لـه بــزوالِ
فـديـتُ إمـامـاً بالطوافِ كأنّما ركـائـبُـه قـد قـيِّــدتْ بـحـبــالِ
فأوَّلُ أنصـارٍ لـديـهِ وكـلـهـــمْ ركوبٌ على خيلٍ لهمْ وجمـالِ
ومنها:
أفيكمْ خبيرٌ باسمِها قيلَ (كربلا) فقالَ انزلوا فيها ليـومِ نـزالِ
فـفـي هـذه حــقــاً محـط رحالِنا وفـلـقُ رؤوسٍ بـيننـا وقـلالِ
وفي هـذهِ حـقـاً ستغدو رؤوسُنا تعلّى على سـمرٍ لها وعـوالِ
ومنها:
أيا جدّ هذا السبط في كنفِ (كربلا) لقىً بين دكـداكٍ وبـيـنَ تلالِ
دعـوهـمْ إلـيـهـم طـالـبـيـنَ قـدومَــه لإرشـادِ غـاوٍ أو لـبذلِ نـوالِ
فـلـمّـا أتـاهـمْ صـارَ فـرداً لـديــهــمُ قــريـنَ جــلادٍ بينـهمْ وجـدالِ
وقال من قصيدة تبلغ (72) بيتاً:
كـانوا سحائبَ رحـمـةٍ فتقشّعت بفجـائعٍ في (كـربلا) وشلاشـلِ
كـانوا بدوراً يُـسـتضاءُ بنورِها وكـواكـبـاً لـلـحـقِّ غـيـرَ أوافـلِ
فالمجدُ مهضومُ الجنانِ لحزنِهم والدينُ في كـربٍ وشغلٍ شاغلِ
ومنها:
لهفي لأنصارٍ له قد غُودروا في (كربلا) بـذوابـلٍ ومناصلِ
لهفي له يرنو مصارعَ أهلِه كملاً وإن صاروا لديـهِ أفاضلِ
لهفي له يأتي الحريمَ مودّعاً تـوديـعَ مـن لا للـحـيــاة بـآملِ
وقال من قصيدة تبلغ (95) بيتاً:
غداةَ استحثّ اليعملاتِ فلمْ تسرْ وقد ضربتْ في (كربلا) بحرانِ
غـداةَ دعا أنصارَه الآنَ فانزلوا نـزولَ تـــفـانٍ لا نـزولَ تــهــانِ
فــفـي هـذه حقـاً تجـولُ رجالنا وقــطـعُ أكــفٍّ بــيــنــــنـا وبنـانِ
ومنها:
أيا جدّ هذا السبط في طفِّ (كربلا) مضمَّخُ جــثـمـانٍ بـأحـمرَ قانِ
أيـا جــدَّ أمّـا جــسـمــــــه فضيوفُـه ضبـاعُ الفـلا معلومةُ العسلانِ
أيـا جــدّ أمّـا رأسُـه لو نــظــرتــــه تـجـده رفـيعاً في سنـانِ سنـانِ
الشاعر
مغامس بن داغر الحلي البحراني، شاعر مكثر مجيد وخطيب، لم تسعفنا المصادر بتاريخ مولده ومكانها ــ بالتحديد ــ ولا عن بواكير حياته وعلى يدي من تتلمذ ودرس.
قال عنه الأستاذ علي الخاقاني: (شاعر بارع وأديب كبير، جهلت ذكره كتب التراجم في القرون الوسطى إلى أواخر القرن العاشر الهجري ولا نعلم سر هذا الإغفال مع أنه من الأدباء الذين يستحقون الثناء والإعجاب، غير أن طائفةً من رجال التأليف ممن تقدّموا علينا ذكروه ذكراً مقتضباً دون أن نقف على تمام سيرته). (1)
ويقول الشيخ علي آل كاشف الغطاء: (إن أكثر شعره في مراثي الإمام الحسين، توفي في أواخر المائة التاسعة في الحلة ودفن فيها ولم يحصل من يجمع شعره على كثرته). (2)
وقال السيد جواد شبر في ترجمته: (شاعر طويل النفس بديع النظام حلو الانسجام، أصله من إحدى العشائر العربية القاطنة ضواحي الحلة، استوطن الحلة حتى توفي فيها). (3)
وقال الشيخ محمد علي اليعقوبي: (وقفتُ أخيراً على قصائد للمترجم في أهل البيت عليهم السلام ذكرها الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي ـ أخو فخر الدين صاحب المجمع والمنتخب ـ في مؤلف له كتبه بالحلة سنة 1076 هـ وكله في مراثي آل الرسول صلى الله عليه واله ومديحهم وهو من بقايا مخطوطات كتب آل طريح ولكنه طالما عبّر فيه عن المترجم بـ البحراني فيمكن أن يكون أصله من البحرين وهبط العراق وسكن الحلة للحصول على الغاية التي أشرنا إليها). (4)
فاليعقوبي يحتمل ولادته في البحرين وسكنه في الحلة.
وقال الشيخ عبد الحسين الأميني في ترجمته: (طفح بذكر المغامس في حب آل الله صلى الله عليهم غير واحد من المعاجم المتأخرة كالحصون المنيعة للعلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء، والطليعة للعلامة السماوي، والبابليات للخطيب اليعقوبي، وذكر شطراً من شعره شيخنا فخر الدين الطريحي في المنتخب، والأديب الأصبهاني في التحفة الناصرية، وتضمن غير واحد من المجاميع قريضه المتدفق بمدح أهل بيت الوحي أئمة الهدى ورثائهم صلوات الله عليهم حتى جمع منها الشيخ السماوي ديواناً باسم المترجم يربو على ألف وثلاثمائة وخمسين بيتاً ولعل التالف منها أكثر وأكثر.
فهو من شعراء أهل البيت المكثرين المتفانين في حبّهم وولائهم غير أن الدهر أنسى ذكره الخالد، ولعل هذا الانقطاع عن غيرهم عليهم السلام هو الذي قطع إطراد ذكره في جملة من الموسوعات أو المعاجم لمن لا يألف إلى ودهم كما فعلوا ذلك بالنسبة إلى كثيرين من أمثال المترجم فتركوا ذكره أو أثبتوه بصورة مصغرة، وعندهم مكبرات لذكريات أناس هم دون أولئك في الفضيلة والأدب، وكم للتاريخ من جنايات في الخفض والرفع، والجر والنصب، لا تستقصى ؟ كان الشيخ مغامس من إحدى القبائل العربية في ضواحي الحلة الفيحاء فهبطها للدراسة، ولم يبارحها حتى قضى بها نحبه شاعراً خطيباً، في أواسط القرن التاسع و يعرب شعره عن أنه كان له شوط في مضمار الخطابة كما كان يركض في كل حلبة من حلبات القريض قال:
فتارةً أنظمُ الأشعارَ مُمتدحاً وتارةً أنثرُ الأقوالَ في الخطبِ
وكان أبوه داغر شاعراً موالياً وهو الذي علمه قرض الشعر ومرّنه على ولاء العترة الطاهرة كما يأتي في قوله:
أعملتُ في مدحكمْ فكري فعلمني نظمَ المديحِ وأوصاني بذاكَ أبي
فحيا الله الوالد والولد). (5)
فالأميني يستدل بهذا البيت على أن والده كان خطيباً وشاعراً فتعلم مغامس منه الخطابة والشعر.
ثم يستعرض الأميني مطالع أربع عشرة قصيدة من مطولاته في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) فاقت بعضها المائة بيت.
ويضيف السيد محسن الأمين إلى ترجمته أنه كان ملمّاً بالعلوم الألية إضافة إلى إجادته في الشعر فقال في ترجمته: (الشيخ مغامس بن داغر الحلي توفي في أواخر المائة التاسعة بالحلة، كان أديباً شاعراً من أعراب الحلة ثم سكن الحلة ونظم بها الشعر فأجاده واستفاد من العلوم الآلية ...).(6)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان أديباً شاعراً نظم الشعر فأجاده، وحصل من زمنه فرصة إفادة من العلوم الآلية واستفادة، وما رأيت له شعراً على كثرة ما رأيت له إلا في المراثي الحسينية الطوال ... توفي في أواخر المائة التاسعة بالحلة، ودفن بها، ولم يكن له من يجمع شعره على كثرته، رحمه الله تعالى). (7)
وقال الدكتور سعد الحداد في ترجمة الشاعر: (شاعر بارع، طويل النفس، بديع النظم، حلو الانسجام، نشأ على أبيه الشاعر الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) في إحدى العشائر العربية القاطنة في ضواحي الحلة، ولرغبته الشديدة في الإغتراف من مناهل العلم والأدب والتفقه في الدين، استوطن الحلة حتى توفي فيها في أواسط القرن التاسع وقيل في أواخره وهو من شعراء أهل البيت المكثرين المتفانين في حبهم وولائهم ...) (8)
وقد كتب الشيخ بشار العالي البحراني مقالاً استدل به من خلال عدة قرائن وأدلة على أن الشيخ مغامس ولد في البحرين وسكن الحلة حتى توفي بها، وإنه بحريني الأصل والولادة والمنشأ وذلك باعتماده على عدة شواهد منها قصيدة الشيخ مغامس التي مطلعها:
لبني الهادي مناحي في غدوي ورواحي
وهذه القصيدة ــ كما يقول ــ (قصيدة قديمة اعتاد أهل البحرين قبل عشرات السنين على تداولها وقراءتها في ليالٍ مخصوصة في شهر محرم الحرام وربما أعدت لها مجالس خاصة وكانت تعرف بـ (النواحة) وربما على منوالها تأسس أدب من نوع خاص لعل بعض المهتمين بالأدب يدرسونه ضمن دراسة جيولوجية للأدب البحراني الحسيني هذا الأدب يمكن أن نعرّفه باسم أدب النواحة فله طريقة خاصة في النظم والإلقاء).
كما اعتمد العالي على قول اليعقوبي في ترجمة الشاعر حين علق على كثرة إطلاق لقب البحراني عليه من قبل الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي فقال: (ولكنه طالما عبّر فيه عن المترجم بالبحراني فيمكن أن يكون أصله من البحرين وهبط العراق وسكن الحلة للحصول على الغاية التي أشرنا إليها).
ثم يتخلص العالي إلى القول بأن الشيخ مغامس هو مغامس الحجري البحراني الذي ترجم له الشيخ محمد علي بن محمد تقي العصفور فقال في ترجمته: (وهو أحد الأدباء وواحد النجباء، جمع مع الأدب علوماً كثيرة وله ديوان معروف مشتمل على أشعاره البديعة وعباراته المنيعة ...) (9)
ودعم العالي رأيه هذا بترجمة السيد حسن الأمين للشاعر حيث نقل ترجمة العصفور له وأطلق عليه لقب (الحجري) (10)
ثم يقول العالي (إن الشيخ مغامس بن داغر الحلي والمتوفي على ما في أدب الطف حدود 850 هـ هو عينه الشيخ مغامس الحجري البحراني ومتحد معه، فلعله بعد أن ترك البحرين لأسباب غير معروفة كغيره كثير من علماء وأدباء البحرين استوطن بادية قريبة من الحلة ثم استوطن الحلة). (11)
ومن الجدير بالذكر أن القصيدة البائية التي مطلعها:
تذكر ما احصى الكتاب فتابا وحاذر من مس العذاب فذابا
قد ذكرها العصفور للشيخ مغامس الحجري وذكرها الشيخ المحقق محمد صادق الكرباسي للشيخ مغامس الحلي البحراني (12) وهذا يعني اتحاد الشخصيتين
شعره
قصائد الشيخ مغامس كلها تفوق المائة بيت أو تقاربها وهي من الشعر العالي المسبوك وكل شعره في أهل البيت (عليهم السلام) وهو القائل:
وحاشا وكلا أن يخيبَ مغامسٌ وقد شبَّ في مدحِ الهداةِ وشابا
وقد اخترنا نماذج من بعض قصائده:
قال من قصيدة في مدح النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام):
عرِّجْ عـلى المصطفى يــــا سائقَ النُـجبِ عرِّج على خـيـرِ مـبـعـوثٍ وخـيرِ نبي
عرِّجْ على السيدِ الـمـبـــعـوثِ من مُـضرٍ عرِّجْ على الصادقِ المنعوتِ في الكتبِ
عرِّجْ عـــلـــى رحـمــةِ الــبـاري ونعـمتِه عـرِّجْ عـــلى الأبـطحيِّ الطاهرِ النسبِ
رآهُ آدمُ نــــوراً بـــيــــــــــــنً أربـــــعــةٍ لألاؤها فـــوقَ ســـاقِ العرشِ من كثبِ
فقـــالَ: يـــا ربِّ مَـــــن هـذا ؟ فقـيـل لـه قـــولَ المحــبِّ وما في القولِ من رِيَبِ
هـــــمْ أولــيائــــــــي وهمْ ذريـــةٌ لـكـــما فقـــــرَّ عـــــيناً ونفـــــساً فيـــهمُ وطبِ
أمـــــا وحـــــقّـــهـــــمُ لـولا مــكانـهـــــمُ منّي لمـــا دارتِ الأفــــلاكُ بالقـــــطبِ
كـــــلا ولا كــــان مـن شــمـسٍ ولا قـمرٍ ولا شهـــــابٍ ولا أفــــقٍ ولا حُــجُـــبِ
ولا ســـمـــــــاءٍ ولا أرضٍ ولا شـــجـــرٍ للناسِ يهمـــــي عـــــليهِ واكفُ السحبِ
ولا جـــــنـانٍ ولا نــــارٍ مـــؤجَّـجــــــــةٍ جعـــــلتُ أعــــداءهـم فيـها من الحطبِ
وقـــــالَ لــلـمـــــلأِ الأعـــلـى: ألا أحـــدٌ ينـــــبي بأسمـــــائِهــــم صدقـاً بلا كذبِ
فلـــــم يجــــيبوا فـــــأنــبــا آدمَ بـــــــهـمُ لــــــها بعـــــلمٍ مـــــن الجـــبَّارِ مكتسبِ
فـــــقالَ للملأ الأعلى: أســجــــدوا كـملا لآدمٍ وأطيعـــــوا واتـقـــــوا غـــــضــبي
وصيَّـــرَ اللهُ ذاكَ النـورَ مُـلــــتـــــــمــعاً فـــــي الـــــوجـهِ مـنهُ بوعدٍ منه مرتقبِ
وخـــــافَ نـوحٌ فــناجـى ربَّـــــه فــنــجا بهـــــمْ عـــــلـى دُسـرِ الألواحِ والـخشبِ
وفـــــي الـجحيمِ دعا اللهُ الــخـــلـيـلَ بهمْ فـأخـــمِدتْ بعـــــدَ ذاك الـحــــرِّ واللهبِ
وقـد دعـا اللهُ مــوســى إذ هــوى صـعقاً بـحقّهـــم فــنـــــجا مـــــن شـــدَّةِ الكربِ
فـظـــــل منتـــــقلاً واللهُ حـــــــافــــظــه عـــــلــــى تـنــقّله مـــــن حــادثِ النوبِ
حتـــــى تقــــسَّـــــمَ فــي عـبـدِ الإلهِ معاً وفــــي أبـــــي طـالبٍ عن عــبـدِ مطلبِ
فـــــأودعَ اللهُ ذاك الــــقــــــسمِ آمــنـــــةً يــــوماً إلـــــى أجــــلٍ بالحـملِ مـقـتربِ
حتــــى إذا وضعــتـــه انــهــدّ من فزعٍ ركـــنُ الـضلالِ ونــادى الشركُ بالحربِ
وانشقَّ أيوانُ كـســـــرى وانطفتْ حذراً نـــــيـرانُـهم وأقـــــرَّ الـــــكفرُ بالغــــلبِ
تساقـــــطتْ أنــجــمُ الأمـلاكِ مــؤذنـــةً بالرجــــمِ فاحتـــــرقَ الأصــنــامُ باللهبِ
حتــى إذا حازَ ســنَّ الأربــعــيـنِ دعــا ربّـــــي بـــه في لــســـانِ الوحي بالكتبِ
فقـــالَ: لــبــيـكَ مــــــن داعٍ وأرســلــه إلــــى البــــريَّةِ مــن عــجـمٍ ومن عربِ
فأظهرَ المعجزاتِ الواضــحــــاتِ لــهمْ بالبـــيِّنـاتِ ولــــمْ يحـــــذرْ ولــمْ يــهــبِ
أراهمُ الآيـــــةَ الكــــبرى فــواعــجــبــا ما بالهــمْ خـالـفــوا ؟ من أعجبِ العجبِ
رامــــتْ بنو عـمِّــه تــبــيـــيـتَــه سحراً فعــــاذ منهـــمْ رســــولُ اللهِ بــالــهـربِ
وباتَ يفديهِ خــــيـرُ الـخـــلقِ حــيــدرةٌ عــلــى الــفراشِ وفـــي يـمناهُ ذو شطب
فأدبروا إذ رأوا غـيرَ الـــذي طــلــبــوا وأوغـلـــــوا لـــرسولِ اللهِ في الــطــلـبِ
فرابهمْ عنكبٌ فـي الغــارِ إذ جــعــلــتْ تسدي وتلحـــمْ فــــي أبرادِها الــقــشــبِ
حتــــى إذا ردّهمْ عــــنــه الإلــهُ مضى ذاك النجـــــيبُ على الــمــهـريةِ النجبِ
فحـــــلَّ دارَ رجــــــالٍ بــايــعــوهُ على أعـــــداؤه فـــدماءُ الــقــومِ فـــي صببِ
فـي كلِّ يــومٍ لــمــــولــى الخلقِ واقعةٌ منــــه عـلى عــابـــدي الأوثانِ والصلبِ
يــمــشــي إلى حــربِهمْ واللهُ ناصــــرُه مــشــيَ الـعـفـرنـاةِ في غابِ القنا السلبِ
في فــتــيــةٍ كــالأسـودِ المُحــدراتِ لها بـراثــنٌ من رماحِ الــخـطّ والــقــضـــبِ
عافوا المعاقــلَ للبيضِ الــحــســانِ فما مــعــاقــلُ الــقــومِ غــيرُ البيضِ واليلبِ
فالحقُّ في فــــرحٍ والديــنُ فــي مــرحٍ والشـــــركُ في ترحٍ والكــفرُ في نصبِ
حتى اســتــــراحَ نــبيُّ اللهِ قـــــاضيــةً بهـــــمْ وراحـــــتــهــــم فــي ذلكَ التعبِ
يا مَـــــنْ بـه أنبـياءُ اللهِ قـد خــتــمـــوا فليـــــسَ مــن بــعــدِهِ فــي العالمينَ نبي
إنْ كنتَ فــــي درجاتِ الوحي خاتمهمْ فـــــأنـتَ أولـــــهمْ فــي أوّلِ الـرتــــــبِ
قـــــد بــشّـرتْ بـــكَ رسلُ اللهِ في أممٍ خــــلــتْ فــمـا كـنـتَ فيمـا بــيـنهمْ بغبي
شــهدتُ أنّـــــكَ أحــــسنتَ البلاغَ فما تـكـــــونُ فــــي بــاطلٍ يــومـاً بمنجذبِ
حتى دعـــــاكَ إلهـــــي فــاستجبتَ له حـــــبَّاً ومــن يدعـه الـمـحبوبُ يَسـتجبِ
وقـد نصبــتَ لـهـــــم فـــي دينِهمْ خلفاً وكـــــان بعــدَكَ فــيــهـــمْ خيرَ مُنتصبِ
لـكـنّهمْ خـــــالفوهُ وابـــتغـــــوا بــــدلاً تخـــــيَّروه ولــيــسَ الــنــبــعُ كــالـغربِ
يـا راكـبَ الــهوجـــلَ المحبوكَ تحمله إلى زيـــــارةِ خـــــيــرِ الـعُـجـمِ والعربِ
إذا قضيــتَ فــــــروضَ الحجِّ مُكتملاً ونـلــتَ إدراكَ مـــا فــي النفسِ من إربِ
وزرتَ قبـــرَ رســـــــولِ اللهِ سيِّــــدَنا وسيِّـــــدَ الخـــــلقِ مــن نــاءٍ ومــقـتربِ
قـــــفْ موقــفــي ثم سلّمْ لي عليهِ معاً حـــــتى كـــــأنّيَ ذاكَ الــيــومَ لـمْ أغــبِ
واثـــــنِ الـســـلامَ إلى أهلِ البقيعِ فلي بهـــــا أحـــــبّةُ صـــــبٍّ دائـمِ الــوصـبِ
وبثّــــهم صبــوتي طولَ الزمانِ لـهـمْ وقُـــــل بـدمـعٍ عـلــى الـخـديـنِ مُـنسكبِ
يا قــدوةَ الخـلــقِ في علمٍ وفي عـمـلٍ وأطـهــــرَ الـخلقِ فـي أصــلٍ وفي نسبِ
وصلتُ حـــبـلَ رجائي في حـبـائـلكمْ كــــما تـــعـلّــقَ فــــي أســـبـابِــكمْ سببي
دنوتُ فـي الدينِ منــــكمْ والودادِ فـلوْ لا دانَ لـــم يدنِ مـــن أحـســــابِكمْ حسبي
مديحـــــكمْ مـكسبي والدينُ مُكتسـبي ما عـــشتُ والــظـنُّ فـي معـروفِكمْ نشبي
فإن عـدتني الليالي عــــن زيــارتِـكمْ فــــإنَّ قــــلبيَ عــــنــكـــمْ غــــيرُ مـنقلبِ
قـد سيـطَ لحمي وعظمي في محبّتكم وحبّكـــمْ قد جرى في الــمـــخِّ والـعـصبِ
هجـــري وبغضي لمَنْ عاداكمُ ولكمْ صــدقـي وحـبّـي وفـي مـدحي لكمْ طربي
فتــــارةً أنـــــظمُ الأشـــعارَ مُمتـدِحاً وتـــارة أنــــثرُ الأقـــوالَ في الــخــطـــبِ
حتــى جعـــلتُ مقالَ الضدِّ من شبهٍ إذ صـغـتُ فـيـكـمْ قـريضَ القولِ من ذهبِ
أعــــملتُ في مدحِكمْ فكري فعلّمني نـظــــمَ الــمــديــحِ وأوصــــاني بذاكَ أبي
فهــــلْ أنــــالُ مفـــازاً في شفاعتكمْ مــمــا احـــــتقبــــتُ له في سائرِ الحُـقبِ؟
فــــيا مغامسَ احبسْ في مـدائـحِـهم تــــلكَ القــوافيْ وأجـرُ اللهِ فـــاحــتــســـبِ
وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام):
حـــــيا الإلـــــهُ كـتيبةً مــــــرتادهــا يُطـوى له سـهلُ الفلا ووهــادُهـــا
قصدتْ أميرَ المـــــؤمـنيــنَ بقـبَّـــــةٍ يُبنى على هـامِ الــســمـاكِ عمادُها
وفدتْ عـلى خــيرِ الأنـامِ بحــضـرةٍ عـنـدَ الإلهِ مُـكـــــرَّمٌ وفّـــــادُهـــــا
فيها الفتى وابـنُ الفتى وأخـو الـفـتى أهـل الـفـتــوة ربــهــا مـقــتــادُهــا
فلـــــه الـفخـــــارُ قــديـمُه وحــديـثُه والـفاضــلاتُ طريــفُــهــا وتلادُها
مـــــولى البــــريَّـةِ بـعدَ فـقـدِ نـبـيّها وإمـــامُـها وهـمــامُــهــا وجـوادُهـا
وإذا القرومُ تـصـادمتْ فـي مـعـرَكٍ والخـيلُ قـد نسـجَ الــقــتامَ طــرادُها
وترى القبائـلَ عـــندَ مـخـتلفِ الـقـنا منـه يـحذّرُ جــــــمــعَــهــا آحـادُهـا
والشوسُ تعثرُ في الـمـجالِ وتحتُـها جردٌ تـجـذّ إلـــى الــقـــتــالِ جيادُها
فكــــأنَّ منتـشرَ الرعالِ لدى الـوغـا زجــلٌ تَــنــشــرَ فـي البلادِ جرادُها
ورماحُهـمْ قــــــد شُظّــيـتْ عـيدانُها وســيــوفُــهم قـد كُـسِّرتْ أغـــمادُها
والشهبُ تَغمدُ في الرؤوسِ نصولُها والسمرُ تصعـدُ في النفوسِ صعادُها
فتـرى هنــاكَ أخـــــا النـــبيِّ محمدٍ وعـــليه من جـــــهدِ البــلاءِ جلادُها
متـردّياً عـــــندَ اللقـــا بحـــــسامِــهِ متصـــــدِّياً لكـماتِـهــــا يصطادُهــــا
عـــــضدُ النبيِّ الهاشميِّ بسيــــفِــهِ حـــــتى تقـطّعَ فـي الوغى أعضادُها
وأخـــــاهُ دونـــــهمُ وســــدَّ دويـنـه أبـــــوابهمْ فـــــتّاحُهــا ســـــدّادُهـــــا
وحـــباهُ فـــــي يومِ الـغـديـرِ ولايةً عـــــامَ الـــــوداعِ وكـلــــهمْ أشهادُها
فغـــــدا بـه (يــومَ الغـديرِ) مُفضَّلاً بـركاتُه مـــــا تـــــنـــتهي أعــــدادُها
قُبـــــلتْ وصيةُ أحمدٍ وبــصـدرِها تُخفـى لآلِ محـــــمدٍ أحـــــقــــادُهــــا
حتـــــى إذا مـاتَ النبيُّ فأظــهرتْ أضغانَهـــــا فـــــي ظـلمِها أجـــنادُها
منعـــــوا خـلافةَ ربِّــها ووليِّـــــهـا ببـصائــرٍ عُـــــميتْ وضــلَّ رشادُها
واعــصوصبوا في منعِ فاطمَ حقَّها فقـــــضتْ وقـــد شابَ الحياةَ نكادُها
وتـوفيتْ غـصصاً وبعـــــدَ وفـاتِها قُتـــلَ الحـسيـنُ وذبِّحـــــتْ أولادُهــا
وغـــدا يُسـبُّ عـــلى المنابرِ بعلَها فــي أمَّـــةٍ ضلـــــت وطـــال فسادُها
ولقـد وقفـــــتُ عـــلى مقالةِ حاذقٍ فـــــي الســـالفينَ فــراقَ لـي إنشادُها
(أعـــــلى المنابــــرِ تُعلِنونَ بسبِّــهِ وبسيـــــفِهِ نُـــصبتْ لــكــمْ أعوادُها)
يا آلَ بيتِ مــــحـــــمـــــدٍ يا سـادةً ســـــادَ البـــــريَّةَ فضــــلُها وسدادُها
أنتـــــمْ مصابـــــيحُ الظلامِ وأنـــتمُ خـــــيرُ الأنـــــامِ وأنـــــتمُ أمجـادُهـا
فضـلاؤها عـــــلماؤها حــــلماؤها حـــكماؤها عـــــبــــادُها زهــادُهــــا
أمّـــــا العـبادُ فــأنتمُ ســــــاداتُهــــا أمّــا الحـــــروبُ فأنـــــتمُ آســــادُهـا
تلـــــكَ المساعـيْ للبريَّةِ أوضـحتْ نهـــــجَ الهــدى ومشــــتْ به عبَّادُها
وإليـــــكمُ مـن شـارداتِ (مغامسٍ) بـــــكراً يقـــــرُّ بفـــــضلِها حـسَّادُهـا
كملتْ بــوزنِ كـــــمالكمْ وتــزيَّنتْ بمـــــحاسنٍ مـــــن حــسنِكمْ تزدادُها
ناديتها صـــوتاً فمـــــذ أسمعــــتها لبّـــــتْ ولـمْ يـــــصلدْ عـــليّ زنادُها
نفــــقتْ لــديَّ لأنّـــــها في مدحِكمْ فـــــلذاكَ لا يُـــــخشى عــليَّ كسادُها
رحــــمَ الإلهُ مُمـــــدَّها أقـــــلامَـه ورجــــاؤه أن لا يـخـــيـــــبَ مدادُها
فـتشفّعـوا لكبائـــــرٍ أسلفــــــتُهــــا قلقـــــتْ لهـــــا نفــــسي وقلَّ رقادُها
جـرماً لـــــو أنّ الـراسياتِ حملنَه دكّـــتْ وذابَ صخــورُها وصــلادُها
هيـهاتَ تُمـــــنعُ عن شفاعةِ جدّكمْ نفــــــسٌ وحــــبُّ أبي تـــرابٍ زادُها
صلى الإلـه عــــليكمُ مـــا أرعدتْ سحــــــبٌ وأسبـــــلَ ممطراُ أرعادُها
وقال من قصيدة في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) وذكر ما جرى عليهم المآسي والمحن:
إنَّ الــلــــيـالي لا تـزالُ مُـجـــدّةٌ فـي الخلقِ أحـداثٌ لـها وخطوبُ
من سُرَّ فــيها ساءَه من صرفِـها ريبٌ لـه طولُ الـزمــانِ قــريـبُ
عصفتْ بخـيرِ الخلقِ آلِ مـحـمدٍ نـكـبــاءُ إعـصـارٌ لـهـا وهـبـوبُ
أمّا الـنـبـيُّ فــخـانـه مـن قـومِــهِ في أقــربـيـهِ مـجـانبٌ وصحيبُ
من بعدمـا ردّوا عــلـيـه وصاتَه حــتـــــى كـأنَّ مـقـالـه مـكـذوبُ
ونسوا رعاية أحـمـدٍ فـي حـيدرٍ فـي خـمَّ وهوَ وزيرُه المصحوبُ
فأقـامَ فـيـهـمْ بـرهـةً حتى قضى في الغيظِ وهو بغيظِهمْ مغضوبُ
والـطهرُ فاطمةٌ زوى مـيـراثَـها شـرُّ الأنــامِ ودمـعُـهـا مـسـكوبُ
من بعدما رمتِ الجنينَ بـضربةٍ فـقـضـتْ بذاكَ وحقّها مغصـوبُ
وسليلُها الـهادي سـقته جـعـيــدةٌ ســمّـاً لـه ســبـط الـفـؤادِ لـهـيبُ
وجرى من الجفنِ الغريقِ بمائهِ دمـعٌ عـلـى قـتلِ الحسينِ صبيبُ
يا يـومُه ما كـانَ أقـبـحَ مـنـظراً وأمــرّ طـعــمـاً إنّــه لـعـصـيـبُ
ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
لهفي وقد زحفتْ إليه جموعُهم فــلــهــمْ رفـــيـفٌ نـحـوه ووثـوبُ
لهفي له فـرداً وحــيداً بـيـنـهـمْ لما قـضـتْ أنصـارُه وأصـــيــبــوا
لهفي وقــد وافــى إلـيـــهِ منهمُ سـهمٌ لمقلته الــشــريــــفِ مصيبُ
لهفي عليه وقــد هـوى متعفّراً وبـهِ أوامٌ فـــــــــادحٌ ولـــغـــــوبُ
لهفي عليه بالــطـفـوفِ مُجدّلاً تسـفي عليه شـمــائــــــلٌ وجنـوبُ
لهفـي عــليه والخيـولُ ترضُّه فـلـهــنَّ ركـضٌ حـولــه وخـبــيـبُ
لهفي له والـرأسُ منه مُــمــيَّزٌ والشيبُ من دمِهِ الشريفِ خضيبُ
لهفـي عليه ودرعُه مــســلوبةٌ لـهـفـي عــلــيــه ورحـلـه منهـوبُ
وقال من قصيدة أخرى في رثائهم (عليهم السلام):
ولـي أسـوةٌ فــيـها بـآلِ مــحــمـــــــدٍ بني خيـرِ مبـعـوثٍ وأكـرمِ آلِ
تــقـسّــمــهمْ ريـبُ المنونِ فأصبحوا عــبـاديــدَ أشتــاتاً بكـلِّ مـحـالِ
فــبــيــنَ شـريدٍ ترتمي غـربةَ النوى بهِ بين غــيـطـانٍ وبـيـن جبـالِ
وبيـن صليبٍ مـاثلٍ فـــوقَ جــذعِــهِ تهـبُّ عليـهِ مــن صـبـاً وشمالِ
وبـيـنَ دفــيـنٍ وهـوَ حــــيٌّ ومختفٍ يراقـبُ خوفاً من وقــوعِ نكـالِ
وبينَ سميمٍ قــد سرى في عــظـامِـهِ مِن الســمِّ قــتـالٌ بــغـيـرِ قتـالِ
فيا ليـتَ شعري مــن أنـوحُ ومن له أروحُ ومـا قلبي عليـه بــســالِ
أأشجـو عــلــيـاً حـــيـنَ عُمِّمَ رأسُـه بمنصلتٍ ذي رونــقٍ وصــقـالِ
له أمْ لبنتِ المصطفى بعد ما مضى قضتْ لم تفزْ من إرثِـها بخلالِ
أمِ الــحــسنِ الزاكـي سـقـته جعيـدةٌ قضى بين أنـــصـارٍ له ومـوالِ
وإن حــنــيــنـي لــلــشــهيدِ بكـربلا لبـاقٍ فــلا يـقـضــى له بـزوالِ
فـديــتُ إمــامــاً بـالــطــوافِ كأنّما ركـائــبُـــه قـد قيِّـدتْ بــحــبـالِ
ومنها:
فديتُ وحيـداً قد أحــاط بـرحلِه لآلِ أبي سفيـانَ جــيــشُ ضــــلالِ
يقولُ لأنصـارٍ له قـد أبحـتـكــمْ ذمامي وعهدي فاسمعوا لــمــقـالي
ألا فارحلوا فالليلُ مُرخٍ سدوله عليكـم ومنهاجُ الــبــســـيطةِ خـالِ
فما لهمُ من مـطـلـبٍ قـد تـألّبوا عليهِ سوى قتلي ونــهــبِ رحـالي
فقالوا جـمـيـعـً ما يُقـال لنا وما نــقـولُ جـوابـــــــاً عنـدَ ردِّ سؤالِ
تقيكَ من الموتِ الشديدِ نفوسُنا و يرخصُ عند النفسِ ما هوَ غالي
أمِـن فـرقٍ نـبغي الفريقَ وكلنا لأولادِه والــعــيـشُ بــــعـدكَ قـالِ
فطوبى لهم قد فازَ واللهُ سعيهمْ فــكـلــهـــمُ في روضــةٍ وظــلالِ
ويقول في نهايتها:
بـنـي الـمصطفى يا صفـوةَ اللهِ إنَّ لي فـؤاداً من الـتبريحِ لـيـسَ بخـالِ
حـنــيــنـــي إلـــيـكـمْ لا يُـقـاسُ بـمثلِه حنـينُ حمـامٍ أو حنـيــنُ فِـصـالِ
ولـو مرَّ في تـالــي الـــزمــانِ مُــتـيَّمٌ بـشــجوٍ رثـى فـيكـمْ رثـى لـــي
وهـلْ أمـلـكُ الـسلوانَ عن حبِّ سادةٍ إليـهــمْ إذا حـلَّ الـحـسـابُ مـآلي
فإنْ فاتني في عرصةِ الطف نصركمْ فأحـرى به أن لا يـفـوتَ مقـالي
ودونكــمُ مــني عـروسـاً زفـفـــتــهـا إليكـمْ كمـا زُفتْ عـروسُ حجالِ
مـنــظّـمـةَ الألـفــاظِ بـكـرٌ كـأنــــمــا على جـيدِها تـزهـو عـقــودُ لآلِ
ومـا كــلــمـتْ إلا لأنَّ كـلامَــــــهـــا حوى من معانيكمْ صـفاتِ كمالِ
فإن صـحَّ قـبــــــلانٌ لها من مغامسٍ فـلـسـتُ بـعقبى ما جنـيتُ أبـالي
عـلـيـكـمْ سلامُ اللهِ ما لاحَ بــــــــارقٌ وما لاحَ وسميٌّ بصـوتِ سجالِ
وقال من أخرى:
أسفاً على نـورِ الإلهِ وقــد هـوى أسفاً على الليثِ الــهمامِ الباسلِ
أأخيَّ إن ذهلَ الــحــزينُ مصابَه يوماً فليس القلبُ عنـكَ بــذاهـلِ
أأخـيَّ ما دمعي عليكَ بــجـامـــدٍ كـلاً ولا حزني عليـكَ بــزائــلِ
فبكـتْ ملائكـةُ الــســمـا لبكـائِها وبــكـى النبيُّ لها بـدمــعٍ هـائـلِ
هـذي الــرزيَّـــةُ لــلـنـبــيِّ وآلـهِ جلّـت فــمــا رزءٌ لــهـا بمماثـلِ
لـمْ تفعلِ الأمــمُ الأوائـلُ مـثـلهـا هــيــهاتَ ما أحـدٌ لـذاكَ بـفـاعلِ
فعـلامَ يا شــيـعيُّ تذخـرُ مدمعـاً تبكـي بـــــه لــمـــعـالمٍ ومنـازلِ
فاحبسْ دموعَكَ عـن تذكُّرِ دمنةٍ درســــتْ معالمهـا بشعبي نائـلِ
واسمحْ بـها في رزءِ آلِ مــحمدٍ فـــعساكَ تحظـى بالنعيمِ الآجـلِ
إنـي إذا هـلَّ الــمــحرّمُ هاجَ لي حزنٌ يذيبُ حشاشتي من داخلي
يفنى الزمانُ ولا أرى لمصابِهمْ إلا أخـا حُـرقٍ وجــســـمٍ نــاحلِ
وقال من أخرى:
ولـي عـنـده يـومَ الــنــشـورِ وسـيـلةٌ بـها أنا راجٍ مـحـوَ مـــا أنــا جـانِ
بنو المصطفى الغرِّ الذينَ اصطفاهمُ ومـيَّـــزهـمْ مـن خـــلــقِــه بمعــانِ
أنافَ بهمْ في الــفــــخرِ عبدُ منـافِهم فــمـا لـهـمُ عنـدَ الـــــمـدانِ مُــدانِ
أبـرُّ وأحمى مـن يُـــرجّــى ويـــتّقى لـــيـومِ طعـامٍ أو لـــــيـومِ طعــانِ
وإنَّ لــــهــمْ في سالفِ الدهرِ وقعـةٌ لدى الطفِّ تغري الدمـعَ بالهملانِ
غـداةَ ابنُ سـعدٍ يــســتـعـــدُّ لحربِهم بــكـلِّ مـــعــديٍّ وكــــلِّ يـــمــاني
غـداةَ تَــسـمَّى مُــســلماً وهو خـادمٌ لــنـــجـلِ عــقــيـلٍ مــسلمٍ ولهـاني
غــداةَ دعــوا الـنصـابَ سبطَ محمدٍ خـداعاً بــإيــمــانٍ لــهــــمْ وأمـانِ
غــداةَ أتــى مــن أهـلهِ في عصابةٍ يــجـوبُ بــهـــا الــبيدا بغيرِ تـوانِ
غـداة دعـوهُ فـيــمَ أقـبلتَ قــاصــداً لأنـتَ مــريبٌ قـاصــــداً لــبــيــانِ
غـداة دعـا كاتبتموني فــأقــبــلـــتْ هجائنُ عزمي نحوكمْ وهــجــانـي
غـداة دعــوا فــانــزلْ لحكمِ أميرِنا وإلا لـحــربٍ يــا حـســيـنَ عـوانِ
غـداة دعا إن لم تنيبوا لــربــكـــــمْ فــخـــلـوا سبيلي والرجوع لشاني
غـداة أبوا أن يـرجعَ السبط فانثنى ومـا هــو فــيــمـا بــيـــنهم بمعـانِ
وهي طويلة جدا يقول في نهايتها:
عــلــى ظـالمِ الأطهـارِ من آلِ أحمدٍ أشـدُّ نـــكـالٍ في غـدٍ ولـعـانِ
بني صـفـوةِ الــجــبَّـارِ عينـايَ كـلما ذُكـرتمْ لكمْ بالدمـعِ تـبـتدرانِ
وإني من حزني على فوت نصركمْ لأقـرعُ سني حـسـرةً بـبنـاني
ولكنـه إن أخّــرَ الــعــصـــرُ عنكـمُ ففاتَ سناني لا يـفـوتُ لساني
وأنــتـــــمْ مـواليَّ الألى أقتـدي بـهمْ فما بـفلانٍ أقــتـدي وفـــــلانِ
ولي موبــقـاتٌ مــن ذنـوبٍ أخـافُها إذا ما إلــهي للحسابِ دعـاني
وما قيلَ يـومَ الـحشـرِ يُؤتى بشـافعٍ لنـاجٍ ولــكـن الــشــفيعَ لجـانِ
على أننـي راجٍ سـمـاحـةَ مـنــــعـمٍ لقصــدكمُ قبل السؤالِ هدانـي
ومـا أنـا من عفــو الإلــه بــقـانــط ولــكنـه ذو رحمـةٍ وحــــنـانِ
فكيف وقد أبدعـتُ إذ قمتُ خـاطباً لكم في معاني حسنكمْ بمعاني
ولـم يخشَ يوماً من عذابٍ مغامسٌ إذا كنتمُ مما أخـافُ أمـانــــي
عــلـــيكـم سلامُ اللهِ مــا ذرَّ شارقٌ ومـا قـام داعي فـرضه لأذان
محمد طاهر الصفار
.....................................................................
1 ــ شعراء الحلة ج 5 ص 311
2 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة
3 ــ أدب الطف ج 4 ص 296
4 ــ البابليات ج 1 ص 132
5 ــ الغدير ج 9 ص 28
6 ــ أعيان الشيعة ج 10 ص 132
7 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ص 682
8 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 90
9 ــ الذخائر في جغرافيا البنادر أو تاريخ البحرين
10 ــ مستدركات أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٢٢
11 ــ صفحة التاريخ البحريني / 2018
12 ــ ديوان القرن التاسع ص 65